بَرَاءَة "قاسِيَة ...!

يَحْمِلُ فِي يَدِهِ طِفـّلَةً رَضِيعَهْ .. وَ يُمْسِكُ بـِ الأخـّرَى رُوحًا فِي الرّابِعَة ..

وَ قَدْ تَرَكَ الحَقَائِب عَلَى الأرْضِ .. يـَترَقّبُ الاتـّصَالَ الأخِيرْ ..!

كـُلّهُ خـَوْف .. هـُوَ يُفكّرُ بـِ ابْنتيْهِ .. حَاظرَاً وَ مُسْتقْبَلاً ..

مـُتـَوتّرْ .. قَلِقْ .. شاحِبْ ..

لا تعْرِفُهُ اذَا رأيْتَهُ ..!

وَ فَجْأة : يَرِنّ الهَاتِفَ ’ لـِ يُعْلِنَ النـّهَايَة .. الأكْثَرُ ألَمَاً ...!

انْفجَرَتْ بـِ دَاخِلِهِ نــّارُ حُزنْ .. حَاوَلَ أنْ يُمْسِكَ نفسَهْ ..

لَكِنّ دَمَعَاتِه كانَت أذكـَى منْهُ .. حِينَ اختـَارتْ وَقْتَ سُقوطِ مُلائِمٍ لـ الحَدثْ .. !

أخذَ حَقِيبَتهَا .. وَ ترَكَهآ عِنْدَ أحَدِ المَصاعِدِ .. وَ رَحَلْ ..

مَسَافَةُ الطّرِيقِ كُلّهَا ,, كَانتْ ذكْريَاتْ .. وَ شرِيطٌ عَابِرٌ بـِ كُلّ جمِيلْ ..

تـوَقّفَ لـِ لحْظةٍ ...

شعَرَ أنّ رَبِيعُهُ لَيْسَت مَعَهْ ..!

وَ هـُنَا أطْلَقَ صَرخاتٍ قوِيّة / لا يُرِيدُ فقْدَيْنِ فِي سَاعَة ..!

الْتفتَ خلْفَهُ .. فـَ رَأى طِفلتُهُ تحْمِلُ تِلْك الحقِيبة وَ زهْرَةً حَمْرَاءْ

.. و تبْتسِمُ بـِ كُلّ بَراءةٍ .. وَ تقُولْ :

أبِي .. إنّهَـآ حَقيبَةُ أمَي , يبْدو أنّكَ قَدْ نسِيتهَا ..

اقــترَبَ وَالِدُهآ .. وَ أخذهَا إلَى صدْرِه .. وَ قَبّل وجْنتيْهَا ..

وَ قالَ بـ صوْتٍ مختنِقٍ وَ مكْسورْ .. :
أنــَا ..!

كــلآ يَا حبِيبَتي .. وَ لكِنْ ..!

ثـُمْ أجْهش فِي البُكَاءِ أمَامَهآ ..

نَظرَتْ إليْهِ بـِ حُزنٍ بَرِيءْ ..

وَ قالَتْ : كَلاّ يَا أبِي , لنْ أهْدِي هَذهِ الزّهْرَة لـِ أمّي ..

إنّها لَكْ .. +
.....................
فسّرَتْ الصّغِيرَة دُموعَ وَالِدِهَا بـِ طرِيقتِها الخاصّة ..

وَ لَكَمْ كانَتْ تِلْكَ الطّرِيقة .. مَرِيرَةٍ وَ أشدّ وَجَعَاً ..!